عاجل:
من خلف قضبان القمع... رسائل طالبات أسيرات للعالم

بين جدران الزنازين الباردة، تنبض قصص الأسيرات الفلسطينيات بروح صلبة لا تهزم، ووجع لا يُرى خلف الأرقام والتصريحات الرسمية. في رسائل وصلت من سجن "الدامون"، تكشف الأسيرتان ربى فارس ناصر وشهد ماجد حسن تفاصيل قمع ممنهج، وانتهاكات جسيمة تستهدف إنسانيتهم وأحلامهم البسيطة.
ربى فارس ناصر، مواليد 21 أيار/مايو 2003 من قرية دير قديس قضاء رام الله، اعتُقلت في 6 كانون الثاني/يناير 2025. أرسلت رسالة مؤثرة، تروي فيها أنها قضت عيدين داخل السجن، بالإضافة إلى عيد ميلادها في السادس من أيار/مايو.
تحكي ربى عن لحظة انتظارها للحرية بعد انتهاء التمديد:
"خلصت التمديد، ومدير القسم خبّرني: أنتِ اليوم مروحة. جهزت حالي، ودعت الصبايا، وسامعة اسمي "شحرور"، خلوني on hold، لعب أعصاب، معلقة بالهوى... قبل ما يقولوا تمديد مجددًا."
ربى تتحدث عن رعب "القمعة" الأخيرة التي تعرضن لها الأسيرات: قنابل صوت، دخان، هجوم مفاجئ على الغرف، وتفتيش مذلّ، باستخدام الكلاب، بلا مراعاة للحوامل أو المريضات بالسرطان.
الفورة (الفسحة) التي كانت المتنفس الوحيد تقلصت إلى ساعة، فيما العدد يجري على الركب، وإغلاق تام متكرر للقسم، لتبقى ربى ومثيلاتها رهائن الخوف والتوتر المستمر.
في رسالة أخرى، أرسلتها الخريجة من جامعة بيرزيت، شهد ماجد حسن، تقول:
"نشاطي الجامعي صار تهمة... وحريتي صارت مؤجلة. 8 شهور في زنزانة باردة بلا محامي، وبلا شمس. رجعوني للاعتقال الإداري... بلا تهمة، بلا محاكمة."
شهد، التي اعتُقلت فجرًا من منزلها، تؤكد أنها غابت عن مقاعد الدراسة، لكن عزيمتها بقيت حاضرة. تروي كيف كانت تحكي قصصًا للأسيرات الأخريات لتزرع "نور صغير" في عتمة الزنازين، وكيف تحرص على بدء يومها بابتسامة "حتى ما يفرحوا بوجعي".
في تفاصيل الهجوم الأخير، تكتب شهد:
"مبارح كانت قمعة غير شكل، مع اليماز والكلاب، قنابل صوت، حالة رعب، ربطونا لورا، نزلوا راسكم، ما راعوا الحالات الطبية، رشوا القسم غاز، إهانات مش طبيعية".
شهد تختم رسالتها بنداء إنساني موجّه لعائلتها وصديقاتها:
"النسكافيه للوالد بعمله بحب، وأكيد مشتاقله. أختاركم لو خيروني بينكم وبين نور عيوني."
رسائل ربى وشهد تعبّر عن معاناة مشتركة، تتجاوز تفاصيل التحقيق والتمديد إلى ضرب الحياة اليومية وملاحقة التفاصيل الصغيرة التي تُبقي الإنسان حيًّا. في الزنازين، يتكئّن الأسيرات على الحكايات، الذكريات، وقوة الابتسامة، ليبقين "عايشات" في انتظار الفجر الآتي.
للتوثيق والذاكرة، هذه ليست مجرد شهادات، بل صرخات من عمق السجون إلى كل العالم.
اترك رد
عنوان بريدك الإلكتروني لن يتم نشره. الحقول الإجبارية *